تصلني في الكثير من الأحيان بعض الأسئلة والمقاطع المسجلة حول بعض الأدلة التي يستعملونها أدعياء الأرض المسطحة، كانت إحدى هذه المقاطع تتناول موضوع استحالة إمكانية انتقال الحرارة من الشمس نحو الأرض إذا كانت فعلاً المسافة التي تقول بها المراجع العلمية بين الأرض والشمس صحيحة، وكان المثال الذي ضربه صاحب المقطع أنه يمكننا أن نشعر بحرارة نار مشتعلة إذا كنا على مسافة قريبة منها لكن لا يمكن أن نشعر بحرارتها عندما نتبعد عنها رغم استمرار رؤيتنا لها مشتعلة وتنير المكان المتواجدة به، كما هو الحال مع الشمس حيث نستطيع رؤيتها ولكن لا يمكن أن نشعر بحرارتها إن كانت بعيد بتلك المسافة، ولهذا فلا يمكن للشمس أن تكون مصدرا للحرارة بالنسبة للأرض إن كانت بذلك البعد ومنه فهي بالضرورة قريبة جداً من الأرض حتى تستطيع تسخينها، وبهذا فلا يوجد فضاء أو ما شابه ذلك والشمس لا توجد إلا على مسافة قصيرة وكل تلك الإدعاءات هي مجرد كذب من المجتمع العلمي.
تار مشتعلة من بعيد | نظرية الارض المسطحة تظهر بها الشمس قريبة Sfls4309pks, CC BY-SA 4.0, via Wikimedia Commons |
بكل صراحة مثل هذا التساؤل ليس بالبسيط لأنه فعلاً سؤال يدفع بالمتلقي الذي لا يمتلك أُسس علمية قوية إلى التشكيك فيما يعلمه ويميل إلى تصديق ما يُقدم له من “أدلة ملموسة”، لكن ما يغيب عن صاحب هذا الطرح أن الأشعة الكهرومغناطيسية في حقيقة الأمر لا تحمل معها أي حرارة بل هي مجرد طاقة خالصة، فما نسميه بالأشعة الحرارية هي في الحقيقة لا تحمل معها أي حرارة.
لنعد أولا إلى تعريف الحرارة، الحرارة بمفهومها الكلاسيكي هي مجرد طاقة حركية للجسيمات المادية على المستوى المجهري، وبما أن الأشعة الكهرومغناطيسية (الأشعة الحرارية) ليست بمادة فلا يمكن أن نتكلم عن أي حرارة تحملها، فالحرارة إذن مرتبطة بوجود المادة وفي غياب المادة فالتكلم عن الحرارة يكون بدون معنى. ما يحدث في الحقيقة هو أن هذه الموجات الكهرومغناطيسية القادمة من الشمس عندما تدخل إلى الغلاف الجوي فإنها تقوم بتهييج مكونات الغلاف الجوي ومكونات الأرض التي توجد بسطحها، مما يجعل الذرات والجزيئات تبدأ بالتذبذب والحركة مجهرياً، وهذا يجعلها تكتسب طاقة حركية ميكروسكوبية وهذا ما نسميه على المستوى الماكروسكوبي بالحرارة، فالأمر إن صح التعبير شبيه بطريقة اشتغال فرن الميكرو-ويفز”، الذي يقوم بتسخين الأكل عبر تهييج مكوناتها الميكروسكوبية عن طريق الموجات الكهرومغناطيسية فتبدأ الذرات والجزيئات بالتذبذب والحركة بسرعة كبيرة وهذا ما يجعلها ساخنة.
لكن هذا التهييج و الحرارة التي نشعر بها مرتبطة بتردد وكمية الطاقة الكهرومغناطيسية التي تتلقاها الأرض والغلاف الجوي من الشمس وكذلك بالأشعة التي يعيد عكسها الغلاف الجوي للأرض، فلا يمكن مثلاً مقارنة كمية الطاقة التي تتلقاها الأرض من الشمس بكمية الطاقة التي تصدرها نار مشتعلة، لأن النار المشتعلة بمجرد ما أن تبتعد منها قليلاً فإن الطاقة تكون ضعيفة ولا يمكنها أن تقوم بتهييج مكونات الجسم حتى تشعر بالحرارة.
▪مصطلحات :
Rayonnement thermique : الأشعة الحرارية
Onde Electromgnétique : موجة كهرومغناطيسية
Chaleur : حرارة
Microwaves : ميكرو-ويفز
اعداد : شعيب المستعين
مراجعة لغوية : خولة سطيلي
3 Comments
جميل جدا
مقال جميل يلزمه بعض الأدلة للتوضيح اكثر
شكرا على المجهود الجبار ❤️❤️🔥