لا أدري لماذا هناك شيء يسمى بالكتلة النسبية والكتلة السكونية في النسبية الخاصة ! ادخال ما يسمى بالكتلة النسبية قد جعل الكثير يعتقد خاطئا ان فعلا الكتلة تتزايد في السرعات العالية جدا ، الكتلة في التعريف الكلاسيكي هي مقدار ما يحتويه الجسم من مادة ، لكن هل تتزايد مادة الجسم عند الحركة ؟
من يلاحظ أن الجسم يبدوا أثقل مما هو عليه ليس الجسم المتحرك في حد ذاته وإنما المراقب الذي يلاحظ الجسم المتحرك فيرى أن الجسم أصبح فعلا أثقل مما هو عليه ، و لكن الثقل الذي يلاحظه ليس بذلك المفهوم المادي الذي نتصوره به اي أن الجسم اصبح يحتوي على مادة أكثر من المادة التي يتكون منها … بل ما يلاحظه حقا هو أن الجسم اصبح ذو قصور أكبر أي ان الجسم يصبح أكثر مقاومة للحركة كلما عظُمت قيمة الطاقة التي يُزَودُ بها كي تزيد سرعته . وعندما نتكلم عن التزويد بالطاقة نعني بذلك إزدياد في شدة قوة الدفع المسلطة على الجسم .
أظن أن من اقترح كتابة الكتلة النسبية على الشكل التالي :
m =ɣ.mₒ
فهو موفق الى حد ما مع من يفهم قصده أي من يفهم الكتلة على أنها عبارة عن قصور الجسم وغير موافق مع من لا يفهم معنى القصور الذاتي وكل ما في مخيلته هو الكتلة والتي هي مجرد مادة يحتويها الجسم. فكتابة الكتلة بهذه الطريقة قد جعلت المفهوم أكثر غموضا مما هو عليه أصلا :
m =ɣ.mₒ
هنا يُقصد ب mₒ الكتلة الأصلية للجسم أو مقدار المادة الذي يحتويه الجسم أو كما يسمى بالكتلة السكونية والتي لا أحبذ استعمالها هنا وسوف أشرح فيما بعد لماذا ، m هي الكتلة النسبية أي كتلة الجسم عند الحركة وهذا الاسم هو سبب كتابتنا لهذا المقال لأنني أرجوا بعد أن تنتهي من قراءة هذا المقال أن لا تستعمل هذا الاسم مرة أخرى إذا اردت أن تشرح النسبية الخاصة لشخص مبتدئ. أما بخصوص هذا الرمز ɣ فهو يسمى بمعامل لورنتز وهو السبب في ازدياد قصور الجسم تكبر قيمته كلما اقتربت سرعة الجسم من سرعة الضوء .
قبل أن نتطرق إلى التفصيل في مفهوم الكتلة النسبية التي جاءت في نسبية إينشتاين يجب أن نعرف ما هو تعريف الكتلة حسب المفهوم الكلاسيكي لنيوتن أولا أو ما اصطلح عليه بالكتلة السكونية في بعض كتب النسبية الخاصة.
الكتلة حسب المفهوم الكلاسيكي يمكن أن يتم قياسها حسب طريقتين مختلفتين .
الطريقة الأولى وهي حسب القانون التاني لنيوتن مجموع القوى يساوي تسارع الجسم ضرب كتلته :
F = m.a
ومنه نستنتج أن :
m = F/a
وهنا نلاحظ أن ما نسميها كتلة الجسم هي خارج قسمة القوى المطبقة على الجسم على تسارعه وبهذه الطريقة يمكنك حساب كتلة جسم حتى في الفضاء .
اما الطريقة الثانية وهي الاكثر استعمالا في الحياة اليومية استعمال الجاذبية او ما نسميه وزن الجسم :
P = m.g
m = P/g
وبحساب قوة الجاذبية التي تطبقها الأرض على الجسم نستطيع قسمتها على شدة الثقالة g ثم نحسب كتلة الجسم. في كلا الحالتين تم حساب كتلة الجسم وهي الكتلة الفعلية للجسم ، ونرى هنا أنه رغم اختلاف الطريقتين إلا أن الكتلة تبقى لها نفس القيمة .
في النسبية الخاصة دخل مفهوم ما يسمى بالكتلة النسبية أي كتلة الجسم عند تحركه بسرعة عالية جدا وظل هذا المفهوم مستعمل في جميع الكتب وخاصة منها كتب تبسيط العلوم إلا أن في الكتب الحديثة قد تم العدول عن استعمال هذا المصطلح لما فيه من لبس وتغيير للمفاهيم، لأنه سواء في الحركة أو السكون نتكلم فقط عن قصور الجسم أي مقاومة الجسم للحركة ونقصد بالحركة هنا الزيادة في تسارع الجسم يعني كلما كانت قوة خارجية ترغب في تحريك الجسم أو تريد تغيير سرعته فإنه سوف يقاوم هذا التغيير وهنا يدخل ما يسمى بقصور الجسم. حسب الميكانيك الكلاسيكية والتي تكون فيها السرعات ضعيفة نسبيا مقارنة مع سرعة الضوء يكون العامل الوحيد الذي يؤثر في قصور الجسم ويجعله يقاوم الحركة هي الكتلة أو ما نسميه بالكتلة السكونية والتي لا يجب ان نسميها بعد الآن بالكتلة السكونية لأن الجسم لا يملك إلا كتلة واحدة سواء كان في حالة حركة أو حالة سكون.
لكن في حالة السرعات الكبيرة والقريبة نسبيا من سرعة الضوء فإنه يدخل عامل آخر في قصور الجسم إذ لا تكون الكتلة هي الوحيدة المسؤولة عن قصور الجسم بل تصبح السرعة كذلك مؤثر فعلي في قصور الجسم يعني كلما كبرت سرعة الجسم كلما ازداد قصوره أي ازديادت مقاومته للحركة .
وهنا يمكن الفصل بين مفهومين إثنين المفهوم الكلاسيكي للقصور الذاتي والمفهوم الحديث للقصور الذاتي !
في الفيزياء الكلاسيكية حيث سرعة الأجسام ضعيفة مقارنة مع سرعة الضوء فإن هناك فقط عامل واحد مسؤول على مقاومة الجسم للحركة وهي الكتلة فقط ونسمي هذه المقاومة للحركة بالقصور الذاتي للجسم.
أما في الفيزياء الحديثة حيث السرعات قريبة من سرعة الضوء فإن هناك عاملان مسؤولان عن مقاومة الجسم للحركة هما كتلته وسرعته وهنا يجب أن نلاحظ أن الكتلة لا يمكن التأثير عليها والزيادة فيها لأنها ذات قيمة ثابتة على عكس سرعة الجسم التي يمكن الاستمرار في الزيادة فيها حتى الاقتراب كثيرا من سرعة الضوء وهنا يصبح القصور الذاتي للجسم ليس ذو قيمة ثابتة وإنما ذو قيمة متغيرة لأنه مرتبط بتغير سرعة الجسم .
إذن فالأمر كما تلاحظون فلا علاقة له بزيادة في كتلة الجسم بل هو زيادة في قصور الجسم ولهذا يجب عليك أن تفرق بين كتلة الجسم وقصوره ،في الفيزياء الكلاسيكية لا فرق بين كتلة الجسم وقصوره لأن الكتلة هي العامل الوحيد المسؤول على مقاومة التغيير في الحركة لكن في الفيزياء الحديثة فالفرق شاسع بين مفهوم الكتلة وبين قصور الجسم لأنه يدخل عامل ثاني في التحكم في قصور الجسم وهي السرعة .
• خلاصة
إذن الاجسام التي تتحرك بسرعات قريبة من سرعة الضوء لا تتأثر كتلتها وإنما يصبح قصورها الذاتي مرتبطا بالسرعة ولهذا تصبح أكثر مقاومة للتغير من الحالة التي هي عليها اي الزيادة من تسارعها ، مما يجعل الجسم يبدوا أثقل مما هو عليه ظاهريا أما فيما يخص إزدياد حقيقي في كتلتها فهو غير موجود و استعمال مصطلح الكتلة النسبية اجد فيه شيء من التعسف و قصور في التفسير والتوضيح .
تحرير: شعيب المستعين
4 Comments
شكرا على هذه المعلومة القيمة ❤
تبارك الله عليك 😉 برافو 👏🏻
شكرا جزيلا لقد اجبت عن تسال ضل معلقا في ذهني منذ 1984 عندما درسنا .
La relativité d’Einshtein
باقي هناك تساؤلات عدة كنا نقبل بها كمسلمات في انتضار تطور العلم .
❤❤ grand merci à toi