يقول العالم “نيل بوهر” والذي ساهم بالكثير في فيزياء الكم : ”إن لم تتزعزع بفكرة الميكانيك الكمية ، فهذا لأنك لم تفهم شيئا”
ويقول ريتشارد فاينمان الغني عن التعريف : “أستطيع أن أقول بكل راحةٍ أنْ لا أحد يفهم ميكانيكا الكم”
بطبيعة الحال أن هذه الأقوال لا تعني أنه اذا ما حاولت دراسة و فهم ما تم وضعه من قوانين فيزيائية في ميكانيك الكم لن تستطيع فهمهم ، وان كنت تظن ذلك فإذن أنت تفهم ما قاله العالمين بطريقة خاطئة ، لأن ما يتكلمون عنه هو شيء آخر أكثر عمقاً من ذلك .
فأنت تستطيع فهم كل تلك القوانين الموضوعة لأنها مجرد نظريات و قوانين رياضية تمت صياغتها على ضوء ما أسفرت عنه التجارب ولكن ما هو صعب الفهم في الحقيقة في فيزياء الكم هو ما تعطيه التجارب من نتائج و التي تبدوا وكأنها خيال علمي ، فالعلماء أصبحوا مضطرين بأن تتم صياغة قوانين تتوافق مع التجارب حتى وان كانوا هم انفسهم لا يستطيعون استيعاب لماذا يحدث ذلك !
يعني أن تلك القوانين تتوافق فقط مع التجارب ولا تتوافق مع عقل الفيزيائي ، لأنها تبدو مخالفة تماما لكل القوانين الفيزيائية المتعارف عليها ، يعني أن التجارب تبين و كأن هناك قوانين أخرى غير معقولة و لا يمكن فهمها واستعابها بالمنطق العقلي الذي تعود عليه علماء الفيزياء الكلاسيكية ، كفيزياء نيوتن و مكسويل .
لنضرب على ذلك بعض الأمثلة من فيزياء الكم :
⊙ المثال الأول
• إزدواجية الموجة-جسيم لكل من الضوء و المادة : لقد بين اينشتاين من خلال الظاهرة الكهروضوئية أن الضوء يمتلك الخصائص الجسيمية بعدما تم التأكد بصفة مطلقة من خلال معادلات ماكسويل أن الضوء عبارة عن موجة . وبينت كذلك تجربة الشق المزدوج أن الجسيمات الصغيرة تمتلك الخصائص الموجية على سبيل المثال الالكترون وهذا بعدما كان العلماء على يقين مطلق أن الالكترون جسيم !
- لكن هل من تفسير منطقي لهذه الظاهرة ؟
الجواب حتى اللحظة هو لا ، نحن مضطرون بأن نقبل بهذه النتائج التجربية على أنها حقيقة علمية ، لكن هل نستطيع أن نفسر أو نفهم لماذا يحدث هذا ! الجواب هو لا ، فلا أحد حتى اللحظة يمكنه أن يفسر بصفة دقيقة سبب حدوث ذلك ، فكل ما علينا هو تقبل هذه الحقيقة غير المنطقية .
⊙ المثال الثاني
• ظاهرة التشابك الكمي : هذه من بين الظواهر الكمية التي لا يمكن للمنطق و العقل البشري فهمها و لا تفسيرها لأنها شيء خارق للعادة ، في هذه الظاهرة يمكن لجسيمين أن يحدث بينهما تواصل آني لحظي مهما كانت المسافة الفاصلة بينهما ! حتى ولو كانت هذه المسافة عبارة عن سنوات ضوئية . وما يزيد الطين بلة أن هذا يتنافى حتى مع النظرية النسبية لآينشتاين التي تقول بأن سرعة الضوء هي السرعة القصوية ولا يمكن تجاوزها ، لأن ما يتم في هذه الظاهرة هو و كأن هذا التواصل بينهما لا يحتاج الى زمن للإنتقال من الجسيم الأول الى الجسيم الثاني ، لأن الإشارة تنتقل و كأن الزمن غير موجود و كأن الجسيمين عبارة عن جسيم واحد رغم المسافات الخارقة الفاصلة بينهما ، وهذا يعني شيء واحداً هو أن سرعة انتقال المعلومات بينهما تفوق سرعة الضوء لأنها آنية .
- هل يوجد تفسير منطقي لهذه الظاهرة ؟
الجواب هو لا ، فلا أحد استطاع اصلاً ان يستوعب ان هذا يحدث فعلاً ، لأنه خارج منطق وعقل العالم الفيزيائي ، وهذا لا يمكن حتى التخيل على انه حقيقي ، لكن هذا يحدث بالفعل في فيزياء الكم و لم يستطع أي عالم تفسير ذلك ، كل ما فعلوه هو أنهم تقبلوا فكرة ان ما يحدث حقيقة و كل القوانين التي تمت صياغتها هي قوانين تنسجم مع ما تعطيه التجربة فقط لا مع عقل و منطق العالم الفيزيائي .
- خلاصة
لهذا السبب قال كل من “ريتشارد فاينمان” و “نيلز بوهر” أن ميكانيك الكم لا يمكن فهمها ، كل ما نفعله الآن هو أننا نشتغل بتلك القوانين التي تمت صياغتها على النتائج التجربية . قوانين فيزياء الكم هي قوانين وصفية للتجارب وليست قوانين تفسر ماذا يحدث ولماذا يحدث . ومنه نستنتج أنه لا أحد يمكنه القول أنه يفهم ميكانيك الكم .
تحرير : شعيب المستعين Choaib El Moustaine
التدقيق اللغوي : هجر الناصيري – نادية بوحفص ،
6 Comments
مقال رائع ❤️❤️
تم
❤️❤️❤️
,و الله ختا بزاف هاد الناس و شكرا ليك بزاااااف
Woooooow
مقال جميل ومختصر ومفيد ،شكرا