العلم التجريبي ليس هو المصدر الوحيد للمعرفة ولكنه المصدر الوحيد الأكثر وثوقية ومصداقية، فكل ما يقدمه العلم من حقائق واكتشافات في جميع المجالات يكون قد تمَّ التأكد منها بطُرق يقينية عبر الرصد والتجربة، حيث تتمُ المصادقة على هذه الحقائق والاكتشافات من طرف متخصصي تلك المجالات، وتجدر الاشارة هنا الى أننا نقصد الحقائق التي لا يمكن أن تتغير مهما طال عليها الزمن وتطور العلم وتقدم، و يمكن أن نقدم هنا بعض الأمثلة على سبيل الذكر لا الحصر بعض الحقائق اليقينية الثابتة ومنها: الثقوب السوداء، تمدد الكون، إشعاعات الخلفية الكونية، انحراف الضوء عند مروره بجانب النجوم والثقوب السوداء بفعل الجاذبية، وجود الالكترونات والذرات، وجود الشحنة الكهربائية، وجود الطفرات، وجود المجرات، وجود المستعرات العظمى، وجود السُدم … الى آخره من الحقائق العلمية الثابتة التي لم يعُد هناك شك حول وجودها. فمن خلال الرصد والتجربة وإعادة تكرار التجربة تمَّ التأكد بشكل يقيني أن هذه حقائق ثابتة في الكون والطبيعة لا يمكن الشك فيها أو دحضها ورفضها.
في العلم التجريبي هناك ما هو ثابت وما هو متغير، كل الاكتشافات العلمية التي أساسها الرصد والتجربة وكل الظواهر الطبيعية أو الكونية تُعتبر حقائق علمية ثابتة في العلم، ولا يمكن أن تتغير أو تتبدل مع مرور الزمن. فما قد يتغير مع مرور الزمن هو التفسير العلمي لكيفية حدوث الظواهر الطبيعية فقط، وهنا نقصد بالتفسيرات العلمية النظريات العلمية، فالنظرية العلمية هي تفسير علمي يُبنى على الحقائق التي تمَّ رصدها بكيفية حدوث تلك الظاهرة الطبيعية، ويجب على هذه النظرية أن تكون قادرة على تفسير الظاهرة بشكل علمي لا يتعارض مع كل الحقائق المرصودة على الظاهرة وأن تكون قادرة على التنبأ إن كان ممكناً بأشياء أخرى قبل حتى أن يتم إكتشافها.
ونضرب على ذلك بعض الأمثلة:
1) نظرية المجالات الكهرومغناطيسية التي تقول بأنه توجد في الطبيعة مجالات كهربائية ومغناطيسية والتي استطاعت تفسير العديد من الاشياء وعلى رأسهم طبيعة الضوء التي حيرت العلماء عبر عقود من الزمن، فخلصت هذه النظرية في عهد ماكسويل بأن الضوء ليس إلا موجة كهرومغناطيسية، أي عبارة عن موجة يتزاوج فيها المجال الكهربائي بالمجال المغناطيسي أثناء إنتشارهما في الفضاء.
2) نظرية النسبية العامة والتي تقول بأن الفضاء عبارة عن زمان متزاوج بالمكان سُميَّ بالزمكان والتي قالت بأن الجاذبية ليست إلا إنحناء في الفضاء الزمكاني، وأعطت بعض التنبؤات وعلى رأسهم أن الضوء يجب أن ينحني عند مروره بالقرب من الثقوب السوداء والنجوم الكبيرة بفعل الجاذبية وكل هذا قد تم التأكد منه تجريبياً.
3) نظرية الانفجار العظيم التي تنبأت بوجود أشعة مايكروية لها درجة حرارة معينة وهي عبارة عن إشعاعات تعتبر كبقايا الانفجار العظيم، وفعلا بعد زمن معين تمَّ التاكد تجريبياً من وجود هذه الأشعة.
▪هل النظرية العلمية تُعتبر حقيقة علمية لا يمكن دحضها أو مناقشتها؟
النظرية العلمية ليست بحقيقة علمية وإنما هي تفسير علمي لكيفية حدوث ظاهرة معينة قد تكون هذه الظاهرة طبيعية أو كونية مدعومة بحقائق علمية رصدية تجريبية.
▪إذن النظرية تبقى مجرد نظرية ولا يمكن أن تصبح حقيقة علمية؟
في الحقيقة النظرية العلمية تبقى نظرية ولا يمكن أن تصبح حقيقة يقينية، ولكن يجب أن نكون على علم بمعنى مفهوم النظرية العلمية أولاً كما أسلفنا شرحها، لأن النظرية تُبنى على الحقائق العلمية لتفسر كيفية حدوث الظاهرة وليست هي الحقيقة العلمية في حد ذاتها، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هل يمكن بناء نظرية علمية في غياب الظاهرة الطبيعية والحقائق العلمية؟
أساس النظرية العلمية هو الظاهرة الكونية أو الطبيعية المرصودة المُراد تفسير كيفية حدوثها، وفي غياب هذه الظواهر لا يمكن الحديث عن نظرية علمية، إذن لبناء نظرية علمية معينة، لابد أولاً من توفر الظاهرة، لأن النظرية ليس دورها أن تخلُق لك ظاهرة معينة وإنما دورها أن تُفسر لك كيفية حدوث تلك الظاهرة بطريقة علمية وبناءً على الحقائق العلمية المرصودة التي تدعم النظرية، وفي غياب أي حقيقة علمية تدحض صحة النظرية العلمية، فإنها تصبح هي التفسير العلمي الحقيقي الوحيد المقبول علمياً، وبمجرد أن تظهر فقط حقيقة واحدة تتعارض معها تسقط النظرية وتصبح غير صالحة، ولكن طالما لم يحدث ذلك فلا يمكن القول أنها مجرد نظرية تتحمل الصواب والخطأ، لأنه في غياب ما يدحضها تكون هي التفسير العلمي الصحيح.
▪هل تبقى النظرية العلمية صالحة دائماً؟
الجواب هو لا، هناك بعض النظريات التي قد يتبين فيما بعد أنها قاصرة على تفسير بعض الحقائق الأخرى المرصودة حديثاً، ومنه يجب إعادة النظر في النظرية عبر تعميمها أو البحث عن نظرية اخرى أم وأشمل منها حتى يمكن تفسير الحقائق الاخرى الجديدة، لكن قصور النظرية لا يعني تغيير الحقائق العلمية والظاهرة الطبيعية، فمثلا إذا ظهرت حقيقة أخرى لم يستطع العلماء تفسيرها بنظرية الانفجار العظيم، فإن حقيقة تمدد الكون و الاشعة المايكروية لن تتغير، والنظرية الجديدة التي سوف يتم وضعها يجب أن تكون قادرة على تفسير هذه الحقائق العلمية. وهنا تجدر الاشارة الى أنه يجب التركيز على معنى “قد”، لأن ما قلناه نادراً ما يحدث في الميدان العلمي، لأن أغلب النظريات ثابتة في ما تقدمه من تفسير علمي للظواهر.
▪هل المبادئ والخطوات التي تؤطر المنهج العلمي تقصي وجود الاله في الكون ؟
بطبيعة الحال المنهج العلمي لا يقصد ذلك البثة، لأن المنهج العلمي أساسه مادي لا يعترف إلا بالتفسيرات العلمية المدعومة بالأدلة التجريبية الملموسة، وفي غياب الأدلة التجريبية والحقائق العلمية الرصدية لا يمكن إثبات شيء بطريقة علمية. قبل أن يصبح العلم خاضع للمنهج العلمي كان فيما مضى يشتغل بطريقة لا يمكنك التفريق فيها بين الصحيح والخاطئ، وكانت تتعدد فيه الرؤى والتفسيرات الفلسفية وتعطي الكثير منها فقط على شكل فرضيات لا يمكن الحسم في صحتها، وكانت مثل هذه الأشياء تُقدم على أساس أنها علم رغم عدم وجود أدلة علمية تدعم مزاعمهم وتحسم في صحة الامر، إلا من بعض الحجج المنطقية والمسلمات البديهية، لكن العلم اليوم لم يعُد بتلك الصورة التي كان عليها من قبل، بل أصبح أكثر صرامة في كل البحوث والتفسيرات العلمية التي يتم تقديمها، لأن تلك الشروحات والتفسيرات الفلسفية المبنية على حجج منطقية قد تبدو مقنعة وبديهية، لكن المنطق والحدس وحدهم غير كافيين لإثبات وجود حقائق معينة بطريقة علمية. العلم اليوم أصبح أكثر موضوعية وحيادية وتخلص من كل التحيزات الايديولوجية وتَبنَّى المنهج العلمي الصارم. وكل ما يتم تقديمه اليوم من نظريات أو تفسيرات لا تحترم شروط هذا المنهج لا يمكن قبولها حتى ولو كان من يُقدم ذلك عالم له وزن في المجتمع العلمي.
▪هل هذا يعني أنه يجب نفي وجود كل ما لم يستطع العلم إثبات وجوده ؟
دور العلم أن يُفسر الظواهر الطبيعية والكونية بناء على نظريات وقوانين علمية مدعومة بالأدلة والحقائق المرصودة، ما لم تتوفر أي ظاهرة طبيعية أو كونية قابلة للرصد والتجريب لا يمكننا أن نقحم العلم فيها، العلم ليس من شأنه اثبات أو نفي شيء، بل دوره تقديم الشروحات والتفسيرات العلمية للظواهر القابلة للرصد والتجريب، لكن إن كانت هناك ظواهر غير مرصودة وليس لها أثر ملاحظ في الكون والطبيعة فلا يمكننا أن نفسرها أو نثبت وجودها بطريقة علمية تحترم أُسس المنهج العلمي، وكل ما هو غير خاضع للمنهج العلمي يجب أن نصرح به للعموم حتى يكونوا على علم بأن كل ما هو غير خاضع للمنهج العلمي هو فقط علم ظني لا يمكن أخذه على أنه حقيقة مرصودة، العلم الوحيد الذي يجب أن نثق في ما يقدمه هو العلم التجريبي الخاضع للمنهج العلمي. ولكن هذا لا يعني أن العلم التجريبي يقدم العلم اليقيني المطلق دائماً ولكن طالما ما يُقدمه العلم التجريبي يحترم المنهج العلمي فهو علم حقيقي يمكن الوثوق فيه.
▪هل العلم التجريبي هو العلم الوحيد الذي يجب أن نثق فيه؟
هناك علوم أخرى بطبيعة الحال تُقدم معرفة بطرق مختلفة واعتماداً على مناهج أخرى مختلفة، لكنها ليست أكثر صرامة كالمنهج العلمي الخاص بالعلوم التجريبية : مثلا العلوم السياسية، العلوم الاجتماعية، علم النفس ونظريات التعلم في ميدان التعليم … هذا كله علم في مجالات أخرى لكنه غير خاضع للمنهج العلمي التجريبي. النظريات في هذه المجالات ليست بالضرورة موثوقة بنسبة 100% ومصادق عليها من طرف كل متخصصي تلك المجالات، كما أن النظريات في هذه المجالات تكون متعددة ومختلفة ويتم العمل بينهما بالمقاربة لمردودية أفضل، لكن هذه النظريات تبقى دائماً ظنية وليست صحيحة 100% كما هو الحال مع النظريات العلمية الخاضعة للمنهج العلمي.
▪كيف يمكن أن نعرف هل ما يقدمه شخص ما هو علم حقيقي خاضع للمنهج العلمي أم هو مجرد علم زائف ؟
نعم هناك الكثير ممن يرتكبون المغالطات ويبنون حججهم وأدلتهم على عدم قدرة العلم على إثبات شيء ما، فيجعلون من ذلك برهاناً على ما يدعون في حين أن ما يقدمونه ليس بعلم وإنما مغالطة الركوب على العلم.
مثلا العلم لا يستطيع إثبات وجود كائنات غير طبيعية كالجن، الشياطين والملائكة، لأنها كائنات غيبية مصدرها الدين ولا وجود لها في الطبيعة المرصودة التي يهتم العلم بدراستها، ولكن هذا ليس دليل على أن هذا ضعف من العلم لأنه لم يستطع إثبات وجدهم، وفي نفس الوقت من الناحية العلمية لا يعتبر عدم قدرة العلم على إثبات وجدهم دليلاً على وجودهم، فوجود هذه الكائنات من عدمها ليس من اختصاص العلم ولا يمكن إثبات ذلك بطريقة علمية، لأن مثل هذه الأشياء ليست جزء من الطبيعة المرصودة للعلم.
وفي هذا الصدد اريد أن أحكي لكم عن بعض ما سمعته و قرأته في العلم الزائف الذي يتم تقديمه على أساس أنه علم ، والغريب في الأمر أن هذا كان منشورا في السبورة الحائطية للادارة بالثانوية التي كُنت أدرس بها وأنا لا أزال حينها تلميذا، يقول صاحبنا أن الجن عبارة عن موجات كهرومغناطيسية تحت الحمراء والملائكة عبارة عن موجات كهرومغناطيسية فوق البنفسجية، وأنه بحضور الملائكة تغيب الشياطين يفسر بأن الموجات تحت الحمراء لا تستطيع الالتقاء بالموجات فوق البنفسجية، وهذا ما يفسر حسب رأيه بطريقة علمية، لماذا عندما تحضر الملائكة تغيب الشياطين وختم كلامه بسبحان الله وكأن ما قاله علم حقيقي. وهذا بطبيعة الحال ليس إلا علم زائف، لأنه غير خاضع للمنهج العلمي ولا دليل ملموس عليه ولا يمكن التأكد منه تجريبياً. لأن الشياطين والملائكة كائنات غير طبيعية وغير مرصودة في الطبيعة.
ومن ضمن المغالطات التي كثيراً ما تُرتكبُ في تقديم العلم الزائف، وهي اقحام أشياء لا تدخل في مجال نظرية علمية معينة، ثُم بعد ذلك يتم الهجوم على النظرية ويبدأ تسفيهها وبطلانها، كأن يقول لك أحدهم مثلا ماذا تقول نظرية الانفجار العظيم فيما يخص ما قبل الانفجار العظيم ؟
قبل أن نفكر في الجواب على هذا السؤال، يجب أن نكون على علم أولا بحدود تطبيق نظرية الانفجار العظيم، فإذا كانت النظرية لا تشمل ما قبل الانفجار العظيم يجب أن نقول للشخص توقف إنك ترتكب مغالطة، فالنظرية تفسر كيف تطور الكون انطلاقا من الانفجار العظيم ولا تهتم بما كان قبله، وبطبيعة الحال هذا لا يعني أن ما حدث قبل الانفجار العظيم ليس مهماً بالنسبة للعلماء وإنما تفسيره حاليا لم يتم بعد ولا توجد أي نظرية حتى اللحظة قادرة على إعطائنا صورة واضحة عن ما حدث قبل الانفجار العظيم، ولكن نظرية الانفجار العظيم حدودها تبدأ من لحظة الانفجار العظيم فقط. نعم نحن لا نستطيع الجواب حاليا لكن لا يجب أن تدفعنا عدم درايتنا بالجواب أن نبدأ بوضع تكهنات غير مبنية على أدلة علمية، كأن نقول أن الانفجار العظيم بدأه الاله! هذا الجواب الجاهز سهل لكن اذا ما صدقه رجال العلم فإنهم سوف يتوقفون عن البحث عن تفسير ما كان قبل الانفجار العظيم.
وهناك بعض رجال الدين حتى لا نعمم، لأن التعميم من صفة الجهلاء، يقولون أن علماء الفيزياء عاجزون الآن عن تفسير ما كان قبل الانفجار العظيم لكنهم متكبرون عن أن يعترفوا بالحقيقة ويقولون أن الله هو من فعلها، ثم يستمروا بالاسترسال في الكلام نعم وإن لم يكن الله فمن يجب أن يكون إذن، ولكن لأنهم ملحدون ينكرون وجود الله فلن يستطيعوا الاعتراف بذلك وسوف يبحثون بكل الوسائل عن مخارج أخرى. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف يُعطي مثل هؤلاء الشرعية لأنفسهم بأن يقولوا بأن الله هو من بدأه في تلك اللحظة وهم لا يعلمون كيف خلق الله هذا الكون من الأصل ولا يعرفون كيف صاغ قوانينه حتى، ومتى يتدخل ومتى لا يتدخل ولا كيف يتدخل!
كل العلماء يعترفون أن الكون لا يسير بطريقة عشوائية وإنما يسير وفق جملة من القوانين المحكمة والتي تُصاغ علميا بطرق رياضية، فإن كان هناك ما قبل الانفجار العظيم فلابد وأن يكون هو الآخر خاضع لقوانين علمية يمكن التنبأ بها وتفسيرها، كما إستطاع العلماء تفسير العديد من الظواهر الكونية وصولاً الى بداية الكون في مجمله من نقطة صغيرة بلا حجم تتضمن كل طاقة الكون، شديدة الكثافة والحرارة، وطالما نحن نستطيع حتى اللحظة أن نفسر كيف يشتغل الكون فيجب أن نستمر على نفس نهجنا باحترامنا للمنهج العلمي دون الحيود عنه ودون الدخول في تفسيرات ميتافيزقية لا دليل على حدوثها.
▪هل ما يقدمه دعاة الاعجاز العلمي حول الربط بين آيات من القرآن واكتشافات علمية حديثة ونظريات عبارة عن علم ؟
قبل أن نصدر الحكم على هذا السؤال لنضرب على ذلك مثالا ببعض الآيات التي يستعملها أصحاب الاعجاز العلمي ثم نقوم بتحليل ما يقومون به بالتفصيل.
● المثال الأول : جاء في الأية 47 من سورة الذاريات ما يلي ☆وَالسَّمَاْءَ بَنَيْنَاْهَاْ بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوْسِعُوْنَ☆.
• ما المقصود في الأية هنا ب “السماء” وب “إنا لَمُوْسِعُونَ” ؟
لنعود الى تفسير ابن كثير والذي يعتبر المرجع الأساسي الذي يعتمد عليه مُعظم رجال الدين في تفسير وفهم القرآن، وهذا مقتطف بالحرف من تفسير إبن كثير :
《وقوله : (وجعلنا السماء سقفا ) أي : على الأرض وهي كالقبة عليها، كما قال : ( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ) [ الذاريات : 47 ] ، وقال : ( والسماء وما بناها ) [ الشمس : 5 ] ، ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ) [ ق : 6 ] ، والبناء هو نصب القبة》.
وهذا مقتطف آخر كذلك من نفس المرجع : 《وقوله ( وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) يقول: لذو سعة بخلقها. ومنه قوله عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ [البقرة: 236] يراد به القويّ》.
إذن فالأمر هنا واضح المقصود بالسماء في الآية، وهي تلك القبة أو ذلك السقف الذي يمكننا رؤيته من الأرض عندما نرفع بصرنا نحو الأعلى، وبما أن النجوم تظهر من الأرض في الليل، فيمكن اعتبار أن السماء هو ذلك الفضاء الذي يمكن رؤيته من الأرض، بما فيه النجوم التي نستطيع رؤيتها من الأرض، لكن يجب الاشارة هنا الى أن المجموعة الشمسية بكل ما فيها من كواكب وكويكبات ومذنبات وكل النجوم التي نستطيع رؤيتها من الأرض والتي تشكل السماء بالنسبة للأرض، لا تشكل سوى حيز صغير جدا لا يكاد يكون له حجم مقارنة مع حجم المجرة ككل التي نتواجد فيها وهي مجرة درب التبانة، كما أن المقصود ب “وإنا لموسعون” في نفس الآية حسب ما جاء في تفسير ابن كثير في المقتطف الذي أخذنها تعني أن الله ذو سعة وقوة بخلقها.
لكن المفسرين الجدد الذين يدَّعُون فهم القرآن أكثر من أسلافهم الذين وثقوا التفاسير عن من عاصروا الرسول (ص)، تركوا التفاسير المعمول بها وحرفوا الآيات عن سياقها حتى يبرهنوا بها عن اكتشافات علمية ونظريات كما سوف نوضح ذلك، يقول أدعياء الاعجاز العلمي أن الآية سالفة الذكر “وَالسَّمَاْءَ بَنَيْنَاْهَاْ بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوْسِعُوْنَ”، تقصد أن السماء تتوسع كما جاء في نظرية الانفجار العظيم!
أولاً نظرية الانفجار العظيم لا تقول بأن السماء تتوسع ولا حتى المجرة، ما يتوسع في الحقيقة هو الكون الموجود بين المجرات وليس المجرات في حد ذاتها، فالمجرات تتباعد عن بعضها البعض بسبب التمدد الكوني، ولكن هذا لا يؤثر على ما بداخل المجرات، لأن الفضاء الذي يحوي النجوم والكواكب داخل المجرات لا يتمدد أو يتوسع، وذلك بسبب الجاذبية الذاتية الداخلية للمجرة، فبسبب ما تحتوي عليه المجرات من مادة تتكون جاذبية داخلية ذاتية للمجرة فتعاكس بذلك قوة التمدد الكوني وتظل محافظة على حجمها، كما أن مجرتنا ليست إلا( واحدة)من الملايير من المجرات في الكون والتي لا يمثل حجمها مقارنة مع حجم الكون الذي لا حدود له إلا ذرة غبار، وهنا يظهر جلياً لمن لم يسبق له أن فهم نظرية الانفجار العظيم أن من جعل من هذه الآية برهان على التوسع الكوني لا يفهم النظرية من الأساس ولا يفهم حتى المقصود بالتمدد الكوني في النظرية، فهو لا يفعل أكثر من أن يحرف كلام القرآن عن مواضعه ويلوي أعناق الأيات حتى يظهر للعامة بمظهر العالم المُفتي الجليل الذي ترفع له القبعة والذي يستحق أن يُصفق له الجميع، ولكن هو في الحقيقة فقط مُخرف ينشر المغالطات والجهل في المجتمع.
▪ماذا تقول نظرية الانفجار العظيم؟
نظرية الانفجار العظيم تقول بأن الكون كله بدأ من نقطة صغيرة جدا لا يكاد يكون لها حجم تتضمن كل طاقة الكون، شديدة الكثافة والحرارة، يعني أن الكون بكل ما يحتويه من كواكب وسُدم وغبار كوني ونجوم وثقوب سوداء ومجرات كان عبارة عن طاقة فقط محصورة في نقطة بدائية قبل 14 مليار سنة، تضخم الكون الى حد عظيم جداً في ملايير الاجزاء من الثانية واستمر في التمدد والتوسع من لحظة الانفجار العظيم.
● المثال الثاني : جاء في الآية 11 من سورة فصلت ☆ثٌمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاْءِ وَهِيَ دُخَاْنٌ☆
• ما المقصود هنا ب “دخان” ؟
كالعادة نعطي اولا( مقتطف) من تفسير ابن كثير للقرآن والذي جاء فيه:《وقوله : ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان )، وهو بخار الماء المتصاعد منه حين خلقت الأرض》
والمقصود هنا بالبخار حسب تفسير الآية هو بخار الماء المتصاعد من الأرض بعد خلقها أولاً كما جاء في الأيات التي سبقتها:
☆قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ۚ ذَٰلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)☆
يقول مُدعي الاعجاز العلمي في الآية أن السماء تكونت من غبار كوني متجمع في سديم كما يقول بذلك العلم متناسياً بذلك أن تكوُّن المجموعة الشمسية من سديم هي فقط فرضية علمية مقبولة حتى اللحظة في الوسط العلمي، وليست بحقيقة علمية يقينية، لنعد أولا الى الآية ونتمعن جيداً فيما تقوله لأنه على ما يبدو أن ظاهر الآية يتعارض مع ما نعرفه علمياً، فالآية تُشير الى أن الارض خُلقت أولاً ثم بعد ذلك جاء خلق السماء من بعدها من خلال بخار الماء المتصاعد من الارض بعد خلقها، حسب ما جاء في تفسير ابن كثير، وحتى حسب الترتيب في الآيات، وهذا يتعارض ما نعرفه علمياً، لأن الفضاء المحيط بالأرض والنجوم الأخرى كانت موجودة قبل حتى أن يكون للأرض وجود، لأنه فقط المجموعة الشمسية التي يُفترض أنها تكونت من السديم وليس كل الفضاء الكوني، والمشكل الغامض هنا مع النصوص في القرآن غالباً ما يأتي مفهوم السماء ملتبس وغير مفهوم، لأن السماء في الأصل ليست بشيء مادي له وجود حقيقي فالسقف الأزرق الذي نراه بالنهار من سطح الأرض هو فقط أن الغلاف الجوي يشتت الاشعة الزرقاء القادمة من الشمس أما في الليل في غياب ضوء الشمس نرى النجوم البعيدة عنا وكأنها محيطة بالأرض على شكل سقف لكن في الحقيقة هي مجموعة نجوم بعيدة عنا توجد في المجرة التي نوجد بها.
● المثال الثالث : جاء في الأية التالية ☆أَوَلَمْ يَرَ الَّذِيْنَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَوَاْتِ وَ الأَرْضَ كَاْنَتَاْ رَتْقَاً فَفَتَقْنَاْهُمَاْ☆
• ما المقصود هنا ب “كانتا رتقاً ففتقناهما” ؟
وهذا مقتطف من تفسير إبن كثير : عن ابن عباس “كانتا رتقا ففتقناهما” يقول المقصود هنا هو أنهما كانتا ملتصقتين، فرفع السماء ووضع الأرض》
والمقصود هنا أن السماء كانت ملتصقة بالأرض وتمَّ الفصل بينهما برفع السماء الى الأعلى عن الأرض، لن نعود هنا الى شرح معنى السماء من جديد ولكن الواضح أن المقصود أن كل ما تستطيع رؤيته من الأرض في الأعلى كان ملتصق بالأرض في الوهلة الأولى ثم بعد ذلك تمَّ فصلهما عن بعض برفع السماء. رغم أن معنى السماء هنا غير واضح اذا ما حاولنا أن نسقط ما نعرفه علمياً على هذا التصور للسماء إلا أننا سوف نتجاوز ذلك ونذهب مباشرة الى المفسرين الجدد الذين اعتبروا أن في الآية إعجاز علمي.
يقولون أن هذا يتوافق بالضبط مع ما تم اكتشافه علمياً بحيث أن الكون كان في بدايته عبارة عن سحابة سديمية ثم تحولت الى ملايير النجوم، والقارئ لهذا الكلام إن كان يفهم ماذا يقصد سوف ينفجر ضاحكاً من هذا التفسير الغريب للأية وإلصاقه بشيء لا يفهمه حتى. في الحقيقة الكون مرَّ من أطوار عديدة وسوف أضع روابط بعض المقالات التي فصلت فيها هذا الأمر لكن هذا لا يمنع أن أضع تفسيرْاً مُقتضباً هنا لنوضح المغالطات، ليس الكون هو من تكون نتيجة سحابة سديمية بل السُدم تتكون فقط نتيجة لموت النجوم فتتجمع البقايا في سحابات كبيرة، ومن الفرضيات المقبولة علمياً التي تفسر تكون مجموعتنا الشمسية هو أن أحد هذه السُدم استمر في الدوران على نفسه لزمن طويل حول مركزه، وتكونت منه بعد ذلك الكواكب والشمس، لكن هذا التفسير ليس بحقيقة علمية تمَّ اتباثها بيقين وانما هي فقط فرضية علمية مقبولة علمياً، فإذن كيف يمكن أن نسقط تفسير القرآن عليها، كما أن فرضية هذا السديم لا علاقة لها بالسماء أو ما يحيط بالأرض، فهي شكلت فقط الشمس والكواكب يعني المجموعة الشمسية فقط ولا علاقة لها بالسماء، لأن السماء أو الفضاء الذي توجد فيه المجموعة الشمسية جزء من الكون الذي كان موجود قبل حتى أن يكون لذلك السديم وجود، والسديم تكوَّن بداخله ولا يمكن الحديث عن فصل شيء من شيء هنا. وحتى نوسع أكثر في الشرح فحتى باقي النجوم التي توجد في المجرة تكونت بتجمع المادة التي كانت تشكل سُدُم أخرى، ولكن في الأية لم يتم ذكر إلا الأرض والسماء وكأن الأرض هي مركز المجرة والكون في حين الأرض مجرد ذرة غبار في المجرة. وأهم ما في الأمر أن ما يقول به المفسر الحديث يتعارض جملةً وتفصيلاً مع ما يوجد في المراجع المعتمدة في تفسير القرآن ولهذا على المسلم أن يكون على دراية بذلك حتى لا يغتر بالتفسيرات المنحرفة عن السياق.
(سوف تجدون في آخر هذا المقال رابط لمقال آخر كنت قد تكلمت فيه بالتفصيل عن كيفية تكون المجموعة الشمسية)
الأدلة على بطلان ما يدعيه أدعياء الاعجاز العلمي كثيرة، لكنني سوف أكتفي بهذا القدر من الأمثلة على أن أعود في مقال آخر الى بقية الآيات لتبيان بطلان ما يقوم به هؤلاء المهرطقون الذين يحرفون آيات القرآن لكسب بعض المتتبعين والظهور بمظهر العلماء الأجلاء، ولكنهم في الحقيقة مجرد كذابين يستغلون عقول البسطاء الذين ليس لهم علم بالعلوم الحقيقية فيضحكون عليهم ليصفقوا على تراهاتهم ويصدقونها ويساهمون في نشرها.
▪لماذا الاعجاز العلمي يشكل خطراً كبيراً على المجتمع ؟
الخطير في الأمر أن الاعجاز العلمي مرتبط بأقدس كتاب عند المسلمين والذي هو القرآن، ونحن نعلم أن الأغلبية العظمى من المسلمين لا يبحثون ولا يقرؤن كتب تفسير القرآن، لأن رجال الدين رسخوا في أذهانهم أن العلم الشرعي والقرآن له أهله، ولا يحق لهم محاولة فهم النص القرآن بأنفسهم، ولهذا السبب ولعدم درايتهم بالتفاسير المعتمدة، تنطلي عليهم حيل وخدع ما يقدمه لهم أصحاب الاعجاز العلمي، الذين أصبحوا يفسرون القرآن على هواهم دون الرجوع الى التفاسير المُعتمدة، وما يزيد الطين بلة هو عدم دراية العامة الذين يخاطبوهم هؤلاء العلماء المزيفون بالعلوم الفيزيائية، والأمَرُّ من هذا كله أن نسبة عريضة جدا من صفوف التلاميذ والطلبة يصدقون ما يقدمه أصحاب الاعجاز العلمي، بل وهناك أساتذة كذلك من مختلف التخصصات من يصدقون بهذا الإزعاج العلمي إن صح التعبير، والغريب في الأمر أن هناك بعض أساتذة الفيزياء من يُصدقون بذلك لعدم درايتهم بالمغالطات والانحرافات التي يقومون بها أصحاب الاعجاز العلمي عن مصادر السلف في تفسير القرآن ولي لأعناق الايات.
والخطير في الأمر هنا أن الغالبية التي تصدق بمثل هذه الاشياء سوف تعتبر نفسها أنها تملك العلم اليقيني كُله الذي يسعى الآخرون الى تحصيله، وأنهم ليسوا في حاجة الى طلب المزيد من العلم، بل كل ما يحتاجون إليه هو المزيد من طلبة الاعجاز العلمي حتى يستخلصوا العلم من القرآن، نحن بحاجة الى فهم المنهج العلمي وطريقة اشتغاله وتعليم تلامذتنا وطلبتنا الحس النقدي والقدرة على التفكير والتحليل وكيفية طلب العلم بالطرق الصحيحة، حتى ننهض بالأمة ونلحق الركب والتطور، التشبث بالاعجاز العلمي يساهم في نشر الوهم المعرفي والتكاسل عن البحث والعلم الحقيقي.
▪كيف يمكن أن نفرق بين العلم الحقيقي والعلم الزائف؟
التفريق بين العلم الزائف والعلم الحقيقي لا يتطلب من الانسان أن يكون متخصص في العلوم، بل يكفي أن يتسلح بفهم المنهج العلمي وكيفية إشتغاله، ومن خلال هذه الخطوات فقط سوف يدرك هل ما يتم تقديمه علم حقيقي أم هو مجرد علم زائف مبني على اجتهادات واستنتاجات شخصية وظنية غير خاضعة للمنهج العلمي ولا يمكن اعتبارها علماً.
▪خلاصة
يجب على الشخص أن يعرف كيف نحصل على التفسيرات العلمية والنظريات بناء على خطوات المنهج العلمي التي تبدأ أولا بملاحظة الظاهرة الطبيعية، ثم بعد ذلك يتم طرح التساؤلات، وللإجابة عن التساؤلات يتم وضع فرضيات كأجوبة مؤقتة على التساؤلات، وبعدها تأتي مرحلة اختبار صحة الفرضيات، فإن تمَّ اثبات صحة إحدى الفرضيات يكون حينها الجواب أو التفسير العلمي الذي تم تقديمه على شكل فرضية صحيحاً، وإن لم يتم اثبات أي من الفرضيات فتكون هذه الفرضيات كلها خاطئة لا يمكن اعتبارها علماً، حتى وان كانت ما تقدمه الفرضية من تفسير يبدو منطقياً ومقبول عقلياً.
معرفتك بهذه الخطوات سوف تمكنك من اسقاطها على ما يُقدمه الشخص من “علم”، فإن كانت الخطوات السالفة الذكر قابلة للتطبيق والتحقق رجعنا الى المصادر التي سوف يذكرها لنتأكد من صحة ما قاله. لكن إن كان ما يقدمه غير قابل للتحقق يمكن أن تجزم أمامه أنه مجرد مُخرف. مثلا أن يقول لك الشخص أن الشياطين عبارة عن موجات كهرومغناطيسية تحت الحمراء، هذه فرضية جميلة، لكن هل يمكن اختبارها تجريبياً للتأكد من صحتها! الجواب هو لا، لأن الشياطين لا يمكن رصدهم بالتجربة وبالتالي فهذا العلم هو علم زائف.
وفي الأخير أريد أن أختتم المقالة بأحد العلماء المسلمين الذي أحبه كثيراً وأكن له كل الاحترام وهو عالم الكيمياء جابر ابن حيان، والذي كان من بين الأوائل الذين أسسوا لخطوات المنهج العلمي، والذي قال في كتابه -كتاب استقصاءات المعلم- ما يلي: “أننا لم ندل إلا بما شاهدناه ولمسناه في صورة أكيدة وبعد اختبار”، والمقصود هنا أن العلم الذي كان يُقدمه جابر في علم الكيمياء كان خاضعاً للملاحظة والتجربة الرصدية الملموسة، وليس مبني فقط على الروايات المتواترة أو على بعض الفرضيات غير الخاضعة للتمحيص والتجربة.
ويقول كذلك في كتابه -الخواص الكبير- : “إننا نذكر في هذه الكُتب خواص ما رأيناه فقط دون ما سمعناه، أو قيل لنا وقرأناه بعد أن امتحناه وجربناه، فما صح عندنا بالملاحظة الحسية أوردناه، وما بطل رفضناه، وما استخرجناه نحن قايسناه على أحوال هؤلاء القوم”. وهنا كذلك يتبين لنا أن جابر إبن حيان العالم المسلم الكبير كان من الأوائل الذين أسسوا لخطوات المنهج العلمي الذي كان يشتغل وفقه عملياً ليعطي مصداقية لما كان يُقدمه من علم، والذي تمثل في ما جاء حسب أقواله في : الملاحظة والمعاينة، التجربة والقياس.
اعداد : شعيب المستعين
مراجعة وتدقيق : عدنان الادريسي، نادية بوحفص، اسماعيل علوي، اسماعيل بنشيخ.
8 Comments
👏
شكراً الأستاذ شعيب ❤
thanks so much for the good job choaib
جميل جدا..شكرا
It’s a very nice exploratory, explanatory, and enlightening article, you’re doing a great job my friend keep going please !
جميل
صراحة استاذ شعيب مقال رائع يسلط الضوء على كيفية اشتغال العلوم بعيدا عن التأثيرات العقدية.
❤❤