أثناء عملية الزفير لا نقوم فقط بطرح غاز ثنائي أكسيد الكربون CO2 وإنما نقوم بطرح مجموعة من الغازات المختلطة ومن ضمنها الماء الذي يوجد في الحالة الغازية ، وبما أن درجة حرارة الجسم هي 37 سيليسيوس فإن غاز الماء هذا يخرج تقريباً عبر الفم بنفس درجة حرارة الجسم و بما أن له درجة حرارة أعلى فإن له طاقة حرارية أعلى كذلك ، و ما يقع عند طرحه خارجاً هو أن الوسط الخارجي الذي درجة حرارته منخفضة جداً يقوم بإمتصاص طاقته الحرارية فتتناقص بذلك درجة حرارته لتتوازن مع درجة حرارة الوسط الخارجي وهذا بالضبط ما يجعلنا نرى ذلك الدخان يخرج من أفواهنا لأنه عندما يفقد غاز الماء حرارته يتكاثف أي يمر الى الحالة السائلة فتتكون بذلك أمام أعيننا قطرات صغيرة من الماء على شكل الضباب الذي نراه في الأيام الباردة صباحاً .
كمثال بسيط فعند تسخين الماء في إناء نلاحظ نفس الظاهرة تحدث . إذ نلاحظ عندما تصبح درجة حرارة الماء داخل المقراج أكبر من درجة حرارة الوسط الخارجي تصاعد دخان من فم المقراج و الذي نسميه في لغتنا العامية بالبخار و تستمر زايدة كثافة هذا البخار الصاعد مع إزدياد إرتفاع درجة حرارة الماء داخل المقراج ويصل مداه القصوي عندما تصل درجة حرارة الماء داخل المقراج 100 درجة سيليسيوس ، وذلك البخار الذي نراه يصعد من فم المقراج ما هو في الحقيقة إلا غاز الماء المتكثف في الهواء بسبب برودة الهواء مقارنة مع حرارة المقراج إذ يفقد الغاز فور خروجه من فم المقراج جزءا كبيرا من طاقته الحرارية مما يجعله يتكاثف في الهواء .
في حين أن هذه الظاهرة لا يمكن مشاهدتها في فصل الصيف مثلا ، ولا يمكن مشاهداتها كذلك اذا كانت درجة حرارة الهواء مرتفعة قليلا أي أن لا يكون فرق درجة الحرارة كبير جدا بين درجة حرارة الجسم و الوسط الخارحي ، في أغلب الأحيان تظل درجة حرارة الهواء أصغر من درجة حرارة الجسم ، لكنها لا تستطيع تكثيف غاز الماء بسرعة كما هو الحال حالياً عندما تكون منخضة كثيرا ، فرغم أن الوسط الخارجي يمتص جزء من طاقة الغاز الذي نطرحه إلا أنه لا يصل الى درجة التكاثف ، بل يبقى في الحالة الغازية ، لكن في جميع الأحوال لابد من أن يتكاثف جزء بسيط من غاز الماء في الهواء لكنه يكون ضعيف و غير ملاحظ بالعين المجردة ، هناك طرق بسيطة يمكننا أن نتأكد بها من ذلك ، يمكنك أن تراه مثلا إذا ما إستمريت في الزفير على يدك لمدة معينة أو أن تزفر على المرآت فسوف تصبح مضببة وهذه الضبابة ليست الا ماء متكثف ، وغالبا هناك من يزفر على نظاراته ليمسحها ، إذ يقوم بتكثيف القليل من الماء عبر الزفر على النظارات بطريقة فيزيائية ليقوم بمسحها دون أن يدري بذلك .
تحرير : شعيب المستعين