الانتخاب الطبيعي
يُعتبر الانتخاب الطبيعي من الأُسُس الرئيسية التي تقوم عليها نظرية التطور فهو يُمثل الآلية التي تفسر بها النظرية كيف يحدث التنوع والتفرع للكائنات الحية في الطبيعة عبر مرور الزمن، لكن لا يجب أن يُعتقد أن هذا الانتخاب الطبيعي كيان حقيقي له وجود مادي في الطبيعة أو أنه كائنا متعاليا عاقل يسهر على تطوير هذه الكائنات واختيار أفضلها للبقاء بناء على شروط مُحددة في تعليمات خاصة يمتلكها مسبقاً، بل ما نسميه بالانتخاب الطبيعي في نظرية التطور هو فقط تعبير مجازي عن مجموعة من التغيرات المتراكمة التي تحدث له بفعل التناسخ المتكرر للحمض النووي والذي يؤدي بدوره إلى ظهور خصائص جديدة لدى الكائن الخلف وكذلك كل الظروف الطبيعية التي يجد هذا الكائن نفسه فيها.
 |  |  |
عند التناسل بين الكائنات يتم إعادة نسخ الحمض النووي الذي سوف يُشكل فيما بعد الكائن الجديد الذي سيخرج للحياة للعيش في الطبيعة، ولكن ما يحمله هذا الكائن من صفات وخصائص وتلك الظروف البيئية هي التي سوف تُحدد فيما بعد هل هذا الكائن سوف يستطيع التأقلم والعيش في الطبيعة أم لا؟، فإن كانت خصائصه تتلائم مع الظروف الطبيعية الموجود فيها، فإنه سيستطيع العيش والبقاء والتكاثر فيما بعد وإن لم يستطع فإنه سوف يموت وينقطع نسله وهذا هو ما نسميه بالانتخاب الطبيعي.
تقول نظرية التطور أنه أثناء التكاثر أجيال بعد أجيال تحدث تغيرات بشكل بطيء على مستوى الأنواع وبعد كل تغير بسيط بطيء سوف يتوجب على الكائن أن يصبح قادرا على التعايش مع بيئته وإلا سوف يموت، أي أن التغيرات البسيطة التي تحدث على شكله وهيئته يجب أن تتأقلم من جديد مع الظروف الطبيعية، ومع الاستمرار في التناسل على المدى البعيد يصبح الكائن في الأخير نوعا آخر يختلف جدرياً على السلف الأول الذي تكاثر من خلاله، أي الكائن الأصلي الجد، وبعد هذه السلسة من تراكم التغيرات يصبح هذا الكائن المُتغير الجديد غير قادر على التزاوج والتناسل مع النوع الذي تطور من خلاله أو مع الأنواع الأخرى التي تفرعت في اتجاهات أخرى، لأن الخصائص الجديدة التي تظهر على الكائن الذي تطور وتغير بعد ملايين السنين تختلف عن الكائن الأصلي، وعن الكائنات التي تفرعت في تطور مختلف.
 |  |
إذن؛ السبب الأول والرئيسي في تغير الأنواع وتبدلها عبر الزمن بطريقة بطيئة ليس هو ما نسميه بالانتخاب الطبيعي في حد ذاته، بل هو عملية التناسل، لأنه أثناء عملية التناسل يتم نسخ الحمض النووي ولكن عملية النسخ هذه لا تكون مكتملة 100% بل تحدث ما يمكن أن نسميها بالأخطاء أثناء عملية النسخ، وهذا يجعل خصائص الكائنات تتغير عند كل عملية تناسل ولو بدرجة بسيطة، أما في ما يخص عملية الانتخاب الطبيعي فهي تتمثل في الظروف الطبيعية التي يزداد فيها هذا الكائن الجديد بتغيرات جديدة، تستمر هذه التغيرات في التراكم جيل بعد جيل وقد تسير في الطريق الأفضل والأكثر تناسباً للظروف الطبيعية التي يعيش فيها وقد تسير في الاتجاه المعاكس، أي أن التغيرات المتراكمة تسير في اتجاه بحيث تصبح الظروف الطبيعية غير مناسبة لبقاء ذلك الكائن واستمراره في العيش، وهنا نتكلم بالضبط عن الانتخاب الطبيعي. فموت الكائن إذن أو استمراره رهين بنوع التغيرات المتراكمة التي طرأت عليه وبالظروف البيئية التي يوجد فيها، فعندما يموت كائن ما قبل أن يقوم بعملية نسخ جيناته عبر التناسل نكون أمام عملية ٱنقطاع لنسله، ولهذا نقول أن الانتخاب الطبيعي أدى إلى ٱنقطاع نسل هذا الكائن الذي تغيرت خصائصه بفعل تراكم تغير الحمض النووي بعد عمليات نسخ متكررة عبر عدة أجيال.
الانتخاب الجنسي
بالإضافة إلى الانتخاب الطبيعي، نجد أن لعملية التناسل ضوابط وآليات أخرى قد تحسم في مصير الجينات التي ستستمر وتنتقل للأجيال اللاحقة ومنها ما يسمى بالانتقاء الجنسي، نجد مثلا عند معظم الحيوانات، أن الأنثى تختار الذكر الذي يبقى على قيد الحياة بعد معارك ضارية مع باقي الذكور لتتزاوج معه، و بالتالي فجينات الفائز التي ستستمر و جينات الذكور التي لم تحظ بإناث تنقرض و تضمر.
الانتخاب الجنسي لا يكون مبنياً فقط على القوة دائماً، لأنه بعض الحيوانات الأخرى يكون اللون أو خصائص أخرى هي من تحدد آلية هذا الانتقاء و نذكر على سبيل المثال ذكر الطاووس.
 |  |
▪مصطلحات
La selection naturelle : الانتخاب الطبيعي
ADN : الحمض النووي
Théorie d’évolution : نظرية التطور
La selection sexuelle : الانتقاء الجنسي
- إعداد : شعيب المستعين.
مراجعة : عدنان الادريسي
المراجعة اللغوية : نادية بوحفص وعبد الباسط أباتراب.
تصميم الصور : رشيد هروس.
لقراءة المزيد حول الإنتخاب الطبيعي :
اقرأ أيضا :
