كانت فكرة الثقب الاسود قد راودت #جون_ميتشل في القرن الثامن عشر ثم ذكرها #بيير_لابلاس في بعض كتاباته ، وضمن التصور الكلاسيكي للجاذبية يمكن القول ان الثقب الاسود هو جرم منكمش الى حيز جد صغير في الفضاء حيث تصير عند سطحه سرعة الافلات من جاذبيته مساوية لسرعة الضوء تماماً.
لنبدأ اولا بقانون الجذب العام الذي وضعه نيوتن حسب المفهوم الكلاسيكي للجاذبية حيث ينص هذا القانون على ان الكتل المادية يؤثر بعضها على بعض حيث تتجاذب فيما بينها بفعل كتلها فيطبق احدهما على الاخر قوة جذب تتناسب طرديا مع كتلهما وعكسيا مع مربع المسافة بينهما وذلك وفق القانون التالي :
F = G.m1.m2/r^2
حيث G ثابت التجاذب و m1 و m2 كتلة الجسمين المتجاذبين و r هي المسافة الفاصلة بين مركزيهما ، وتجدر الاشارة هنا الى انه يجب التركيز على ان المسافة تفصل بين مركزيهما وليس سطحيهما !
نأخذ على سبيل المثال جاذبية الارض على الاجسام التي تحيط بها :
F = G.M.m/R^2
حيث M هي كتلة الارض و m كتلة جسم مادي يوجد على سطحها و R هي المسافة الفاصلة بين مركز الارض ومركز الجسم المادي.
فإذا استطعنا بطريقة ما ضغط الارض الى حجم صغير جدا فإننا سون نستطيع تقليص المسافة R الفاصلة بين ذلك الجسم المادي الموجود على سطح الارض ومركزها ولهذا فإننا سوف نزيد من جاذبية الارض على ذلك الجسم الموجود على سطحها لأن المسافة R سوف تتقلص الى مسافة صغيرة .
واذا تكلمنا على ضغط الارض الى حجم صغير دون ان تنقص كتلتها فلابد ان نتكلم عن الكتلة الحجمية للأرض والتي تساوي :
ρ = M/V
حيث ρ هي كثافة المادة التي تكون الارض و M كتلتها والتي سوف تبقى ثابتة عند ضغطها و V هو حجم الكرة الارضية والذي سوف يتم تقليصه الى حيز صغير جدا في الفضاء ونلاحظ من خلال العلاقة ان الكتلة الحجمية للأرض سوف تكون كبيرة جدا.
ربما تتساءل الآن ان ضغط الكرة الارضية الى حجم صغير هو ضرب من الخيال ولا منطق فيزيائي يتوافق معه ولكن تساؤلك هذا غير صحيح لأن من وجهة نظر فيزيائية الامر ممكن جدا وطبيعي ، لأننا كما نعلم أن معظم الذرة عبارة عن فراغ اي تقريبا %99,9 من الذرة عبارة عن فراغ وبما أن الارض مكونة من ذرات فإن معظم الارض عبارة عن فراغ كذلك ولهذا فإن امر ضغط الارض الى حيز جد صغير في الفضاء ممكن من وجهة نظر فيزيائية ، لكن يبقى السؤال هل توجد ظاهرة طبيعية في الكون تمكن من فعل اشياء مثل هذه كضغط نجوم او كواكب الى حجوم صغيرة جدا في الفضاء ! كانت هذه مجرد تخمينات فقط وهذا لم يكن ملاحظ حسب التصور النيوتوني الكلاسيكي .
نعود الى المثال السابق ونتصور اننا استطعنا ضغط الارض بطريقة ما الى نصف حجمها الحالي ، اذن فالمسافة ‘R الفاصلة بين الجسم المتواجد على سطح الارض ومركزها سوف تصبح هي نصف المسافة الاصلية R :
R’ = R/2
اذن لنحسب كم اصبحت جاذبية الارض حاليا على ذلك الجسم المتواجد على سطحها بعدما قمنا بتقليص حجم الارض الى النصف .
لدينا حسب قانون الجذب العام :
(F’ = G.M.m/R’^2 (1
وبما أن :
R’ = R/2
فإن :
( R’^2 = (R/2)^2 = R^2/4 (2
لنعوض ب (2) في (1) :
F’ = 4.G.M.m/R^2 = 4.F
إذن :
F’ = 4.F
وهنا نلاحظ ان مجرد ضغط حجم الارض الى النصف تضاعفت جاذبية الارض على الاجسام المتواجدة على سطحها الى اربع مرات !
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما تأثير هذا الازدياد في الجاذبية على الاجسام التي تتواجد على سطحها ؟
نعلم حاليا أن سرعة افلات الاجسام المتواجدة على سطح الارض من جاذبيتها هي 11 كيلومتر في الثانية ولكن عند ضغط الارض الى النصف تتزايد سرعة الافلات من جاذبية الارض تقريبا بنسبة %41 .
ولكن اذا استمرت الارض في الانضغاط اكثر فأكثر فسوف تتزايد سرعة الافلات من جاذبية الارض أكثر فأكثر وعندما يصير حجم الارض بحجم حبة فاصوليا تصل سرعة الافلات من جاذبية الارض الى سرعة الضوء !
تحسب سرعة الافلات من الجاذبية حسب الميكانيك النيوتونية حسب العلاقة التالية :
(Ve = √(2.G.M/R
واذا استمرت الارض في التقلص حتى وصلت الى الحجم الذي تصل معه سرعة الافلات من الجاذبية سرعة الضوء c فإن العلاقة السابقة التالية تصبح كالتالي :
(‘c = √(2.G.M/r
حيث c هي سرعة الضوء و ‘r هو ما يسمى حسب الفيزياء الحديثة في النسبية العامة نصف قطر شفارشيلد والذي نستطيع ان نحدد قيمته فقط عبر الميكانيك الكلاسيكية من خلال علاقة سرعة الافلات بتعويض السرعة بسرعة الضوء :
‘c^2 = 2.G.M/r
اذن نصف قطر شفارشيلد هو :
r’ = 2.G.M/c^2
والحد الذي تصل فيه المسافة R الى المسافة ‘r يسمى بالحجم الحرج او المتفردة حسب المفهوم الحديث ! وفي حالتنا هذه لن يكون بإمكان الأرض ان تشع اي نوع من الموجات الكهرمغناطيسية كالضوء مثلا ، فالضوء في هذه الحالة لن يستطيع مغادرة الارض لأنه يحتاح الى سرعة افلات من جاذبية الارض تتجاوزع سرعته الحالية c وهذا مستحيل كما نعلم لأن c هي السرعة القصوى في الكون ولا يمكن لأي كان ان يتجاوزها .
وفي هذه الحالة سوف تصبح الارض عبارة فقط عن جسيم اسود صغير جدا في الفضاء غير مرئي و دو جاذبية عضمى و له كتلة كبيرة والتي هي كتلته الاصلية ، وهذا هو ما يسمى بالثقب الاسود لأننا لا نستطيع رصده لأنه لا يسمح للموجات الكهرومغناطيسية بمغادرته. لكن هذا كان حسب التفسير القديم للثقوب السوداء لكن في التطورات الاخيرة التي تلت النسبية العامة فإن هذا الثقب الاسود يمكن رصده لأنه يصدر اشعاعات يمكن رصدها بالقرب من افق حدثه عندما تكون المادة القريبة من الثقب الاسود تتساقط عليها بفعل جاذبيته الهائلة والتي يمكن للضوء الافلات منها وبالفعل فكما شاهدتم فقد تم رصد الثقب الاسود مؤخرا في مجرة بعيدة عنا بملايير السنيين الضوئية.
في الحقيقة الكواكب العادية كالتي توجد بالمجموعة الشمسية لا تتحول الى ثقوب سوداء لأنها كواكب مستقرة ولا يوجد فيها اي انذماجات نونوية كالنجوم ، كما انه ليست كل النجوم تتحول الى ثقوب سوداء ولكن هناك حدود حيث قد تتحول بعض النجوم الى اقزام بيضاء او الى نجوم نوترونية او عمالق حمراء كذلك … وهذه الظواهر تعرف بموت النجوم وتحولها بعد انتهاء المادة الخامة التي بداخلها والتي تبقيها حية ، و هنا نتكلم عن الانصهارات التي تقع في قلب النجوم والتي بفضل ضغطها تتغلب هذه النجوم على قوة جاذبيتها. ولكن في حالة توقف الانصهارات فإن النجم يموت ليتحول بعد ذلك الى واحدة مما سبق ذكره وذلك حسب كمية كتلة النجم.
تحرير: شعيب المستعين
2 Comments
موضوع جميل
موضوع رائع